في زمن تتقاطع فيه الاحتجاجات مع الخطابات الرسمية، يبرز جيل Z المغربي كفاعل جديد في المشهد السياسي والاجتماعي، لا يكتفي بالمشاهدة، بل يطالب، يعلّق، ويعيد تشكيل الأسئلة. هذا الجيل، الذي ترعرع في قلب الثورة الرقمية، قرأ الخطاب الملكي الأخير أمام البرلمان بعين نقدية، لا عدائية، وبروح مواطنة، لا انفعالية.
في لحظة رمزية، اختار شباب جيل Z تعليق احتجاجاتهم عشية الخطاب الملكي، في إيماءة تحمل احترامًا للمؤسسة الملكية، لكنها لا تخفي الترقب الحذر. فهم لا يرفضون الخطاب، بل ينتظرون ترجمته إلى إجراءات ملموسة. إنهم لا يطالبون بالمستحيل، بل بالأساسيات: تعليم يليق بطموحاتهم، صحة تحفظ كرامتهم، وفرص شغل تفتح أمامهم أبواب الحياة.
الخطاب الملكي، وإن حمل إشارات إلى “الفعالية” و”المسؤولية”، لم يتطرق بشكل مباشر إلى مطالب هذا الجيل، ما جعل كثيرين منهم يقرأونه كخطاب مؤسساتي أكثر منه خطابًا اجتماعيًا. ومع ذلك، فإنهم لا يغلقون الباب، بل يتركونه مواربًا، في انتظار أن تتحول الكلمات إلى سياسات، والتوجيهات إلى قرارات.
جيل Z لا يكتفي بالتصفيق، ولا يرضى بالتجاهل. إنه جيل يراقب، يُحلل، ويُعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والدولة. يرى في الخطاب الملكي فرصة، لكنه لا يمنحها شيكًا على بياض. ينتظر، لكنه لا يصمت. يحترم، لكنه لا ينسى.
في “أصداء مغربية”، نقرأ هذا التفاعل كعلامة على نضج سياسي جديد، لا يُقاس بعدد الشعارات، بل بعمق الأسئلة. جيل Z لا يطلب أن يُسمع فقط، بل أن يُفهم. لا يريد أن يُحتوى، بل أن يُحاور. وبين الاحترام والانتظار، يكتب هذا الجيل فصله الخاص في تاريخ المغرب الحديث.
لا يكفي أن يُصغي جيل Z، بل أن يُستجاب له. فالاحترام الذي أبداه الشباب للخطاب الملكي ليس ضعفًا، بل نضجًا. والانتظار الذي اختاروه ليس تراجعًا، بل اختبارًا للدولة: هل تسمع؟ هل تفهم؟ هل تتحرك؟
الكرة الآن في ملعب المؤسسات. والخطاب الملكي، بما حمله من دعوة إلى الفعالية والمسؤولية، ليس نهاية الحديث، بل بدايته. جيل Z لا يطلب امتيازات، بل حقوقًا. لا يطلب شعارات، بل سياسات. وبين الاحترام والانتظار، يكتب هذا الجيل بلغة جديدة، لا تُشبه لغة الماضي، لكنها تحمل نفس الحلم: مغرب يليق بشبابه. الصحة و التعليم هو المطلب الوحيد الذي ينتظر جيل Z وليس وحده فقط بل جميع شرائح المجتمع المغربي.