Ultimate magazine theme for WordPress.

جاء الخطاب الملكي بخارطة الطريق جديدة… فهل تملك الأحزاب الجرأة على تنفيذها ؟

28

في افتتاح السنة التشريعية، ألقى جلالة الملك خطابًا قد  يُحمّل المسؤولية الى كل الأحزاب فدعا إلى تسريع التنمية، إلى عدالة مجالية، إلى تكافؤ الفرص، وأكد أن هذه القضايا “تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني”. لكن السؤال الذي يعلو فوق كل الأسئلة: هل استوعبت الأحزاب الرسالة؟ وهل تملك الجرأة لتكون فاعلة؟

الردود الحزبية، حتى الآن، تتراوح بين الإشادة الصامتة والتفاعل التقليدي. لا مراجعة للبرامج، لا إعلان عن خطط جديدة، لا فتح لقنوات الحوار مع الحراك الشبابي. وكأن الخطاب لا يعنيهم، أو كأنهم ينتظرون خطابًا آخر يُفسّر الخطاب الأول.

الجرأة الحقيقية لا تعني رفع الشعارات، بل اتخاذ القرارات. لا تعني الدفاع عن الذات، بل الاعتراف بالخلل. لا تعني التفاعل مع خطاب الملك، بل التفاعل مع المواطن. والأحزاب، في صيغتها الحالية، تبدو وكأنها تُدير الزمن السياسي، لا تُغيّره.

في المقابل، يخرج “جيل زِد 212” بلغة جديدة: لا يُعارض المؤسسات، بل يُطالبها بالجدية. لا يُصعّد، بل يُنظّم. لا يُطالب بالسلطة، بل بالمحاسبة. إنه جيلٌ يُعيد تعريف الوطنية، ويُحرج الأحزاب التي اعتادت أن تُخاطب الشباب من فوق، لا أن تُصغي إليهم من تحت.

الخطاب الملكي وضع الأسس، لكن البناء يحتاج إلى فاعلين. والمغرب لا يُبنى بالتصورات، بل بالقرارات. والشباب لا يُقنعهم الحديث عن “المغرب الصاعد”، ما لم يصعد معهم في الحقوق والفرص والكرامة.

فهل تملك الأحزاب الجرأة لتكون فاعلة؟ الجواب لا يُكتب في البلاغات، بل يُقاس في الميدان، في السياسات، وفي أثرها على المواطن.

الأحزاب المغربية، في صيغتها الحالية، لا تُظهر ما يكفي من الجرأة لتكون فاعلة. فهي تُجيد التفاعل مع الخطاب الملكي عبر الإشادة، لكنها تُحجم عن تحويله إلى سياسات جريئة تُخاطب الواقع. الخطاب الملكي الأخير كان واضحًا: لا تناقض بين المشاريع الكبرى والبرامج الاجتماعية، ولا مبرر للتباطؤ في تنفيذ المخططات. لكن الأحزاب، بدل أن تُبادر، تنتظر الإشارة، وتُراكم التبريرات، وتُعيد إنتاج نفس الخطاب الذي فقد صداه لدى الشباب.

فهل لهذه الأحزاب الجرأة  أن تُراجع الأحزاب وعودها الانتخابية وتُعلن أين أخفقت. فهل لهذه الأحزاب الجرأة أن تُفتح قنوات حوار مع الحراك الشبابي، لا أن تُحذّر منه. فهل لهذه الأحزاب الجرأة أن تُقترح سياسات جديدة، لا أن تُدير ما هو موجود. فهل لهذه الأحزاب الجرأة أن تُمارس المعارضة داخل الأغلبية، حين تقتضي المصلحة الوطنية ذلك.

في ظل هذا الغياب، يتحول الحراك المدني إلى بديل مؤقت، والصحافة المستقلة إلى صوتٍ يُعيد ترتيب الأسئلة. فهل تملك الأحزاب الجرأة لتكون فاعلة؟ ربما، لكن فقط إن قررت أن تُصغي، لا أن تُبرّر.

فهل لهذه الأحزاب الجرأة  على ترجمة الخطاب الملكي إلى سياسات؟ وهل تُصغي فعلًا لصوت الشارع، خاصة صوت “جيل زِد 212” الذي يُطالب بإصلاحات ملموسة في التعليم، الصحة، والشغل؟

الخطاب الملكي شدد على أن التنمية لا تنتظر، وأن العدالة المجالية وتكافؤ الفرص ليست شعارات، بل أولويات وطنية. لكن الأحزاب، بدل أن تُبادر، اكتفت بالإشادة، دون إعلان عن مراجعات أو خطط جديدة.

  جيل زِد المغربي لا ينتمي للأحزاب، ولا يثق بها. يُنظّم نفسه عبر المنصات الرقمية، ويُعبّر عن مطالبه بلغة جديدة: واضحة، مسؤولة، وغير مؤطرة. وهذا يُطرح سؤالًا جوهريًا: من يُمثّل هذا الجيل داخل المؤسسات؟ ومن يُفاوضه حين يُطالب بالإصلاح؟

  غياب الثقة بين الشباب والأحزاب يُعيد طرح أزمة الوساطة. فالأحزاب، التي يُفترض أن تكون قناة بين المواطن والدولة، أصبحت في نظر كثيرين جزءًا من المشكلة، لا من الحل. وهذا يُضعف قدرتها على احتواء الحراك أو التفاعل معه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات