Ultimate magazine theme for WordPress.

جيلٌ زيد يُعيد التعريف بالوطنية .. بين الاحتجاج والانضباط

16
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه المطالب، يخرج جيلٌ جديد من رحم المغرب، لا ليصرخ في وجه الوطن، بل ليهمس له بحكمة: “نحن نحبك، ولهذا نطالبك بالتغيير.” إنه جيل زِد، الذي اختار أن يُعيد تعريف الوطنية، لا عبر الشعارات الجوفاء، بل عبر مواقف مسؤولة، واحتجاجات واعية، وتوقفات استراتيجية تُراعي اللحظة وتُحترم المؤسسة.
هذا الجيل لا يطلب المستحيل. إنه يطالب بما هو بديهي: تعليمٌ يليق بكرامة الإنسان، صحةٌ لا تُرهق الفقير، وعدالةٌ تُحاسب الفاسدين. لكنه، في الوقت ذاته، يرفض أن يُستغل أو يُركب عليه. ينسحب حين يرى أن اللحظة لا تخدم المطالب، ويعود حين تتهيأ الأرضية للحوار والتأثير.
في بيانه الأخير، لم يتراجع عن مطالبه، بل قدّم درسًا في الانضباط الوطني. لم ينزل إلى الشارع يوم افتتاح البرلمان، لا خوفًا ولا تراجعًا، بل احترامًا للمؤسسة الملكية، وإيمانًا بأن الوطن لا يُبنى بالصدام، بل بالتراكم، بالتنظيم، وبالاقتراح.
جيل زِد لا يُريد أن يهدم، بل أن يُعيد البناء. لا يُريد أن يُسقط، بل أن يُحاسب. لا يُريد أن يُعارض، بل أن يُشارك. إنه جيلٌ يُدرك أن الوطنية ليست طاعة عمياء، ولا تمردًا فوضويًا، بل مسؤولية واعية، تُوازن بين الحب والصرامة، بين الحلم والواقع.
وفي زمنٍ تُختزل فيه السياسة في الانتخابات، يُذكّرنا هذا الجيل بأن الديمقراطية تبدأ من الشارع، من النقاش، من البيان، من الوقفة، ومن القرار الواعي بعدم الوقوف. إنه جيلٌ يُعيد إلينا الأمل، لا لأنه يملك الحلول، بل لأنه يملك الجرأة على طرح الأسئلة الصحيحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات