Ultimate magazine theme for WordPress.

الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف و سؤال الصيغة ؟

41
احمد العهدي
الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري هو يوم ابلج اغر ، يومٍ مشهود أشرق فيه نور السماء على الأرض، وولد فيه الحبيب المصطفى ﷺ.لذلك و من أجل ذلك تتجدد فيه مشاعر المحبة في قلوبنا، فنفرح لا بحدثٍ عابر، بل بحدث هو انعطافة حاسمة و نقطة مفصلية و نقلة نوعية بقدوم نبي الرحمة المهداة و النعمة المسداة للعالمين.
إن احتفالنا بمولده الشريف ليس بدعة، بالمعنى الذي يجعلها قرينة بالضلالة ،لأن الاحتفال يكون بالفرح تقديرا و محبة في المحتفى و المحتفل به. لذلك في اعتقادي الشخصي المتواضع جدا ، ليس الاحتفال بمولد خير البرية الذي اجتباه ربنا بدعة ، وإنما هو وعدُ وفاء، ووقفةُ حب، وشكر لله على من قال فيه عز و جل: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
كيف لا نحتفي بيومٍ به وُلد الهدى، وابتسمت الحياة بنور محمد ﷺ؟ لنفرض جدلا انه ليس يوم ميلاده الحقيقي ، ما المانع أن نحدد يوما من ايام السنة الهجرية ، نخصصه لاطفالنا و شبابنا ، و لنا جميعا ، لنجدد نفسَ محبتنا لشفيعنا يوم القيامة؟! الا يكون هذا الاحتفال فرصة سانحة، في زمن انهيار القيم، لتذكير ناشئتنا بالسيرة النبوية العطرة و الاستماع لقصائد المدح النبوي بالفصحى و الحسانية و الامازيغية لتنمية و ترقية الذائقة لدى اجيالنا الصاعدة التي فسد سوادها الاعظم لطغيان صناعة التفاهة؟! اظن ان هذا الذي نقول عنه بدعة هو البديل الموضوعي المتاح ، على الاقل حاليا ،لسد فراغ روحي و هوياياتي مهول ، سببه الطوفان الجارف لثقافة التفاهة عبر منصات التواصل الاجتماعي ، فاصبحنا أمام جيل أصبح جالية مقيمة بديار الفضاء الازرق؟!
احبتي و إخوتي في الله..اقولها بتواضع ، لأن تجارتي في الفقه كاسدة، و احترم رأي من يخالفني ، قلت، انا العبد المذنب الفقير إلى الله، من يقول إن الاحتفال بمولد سيد الخلق ﷺ بدعة، اجيبه أولاً أن البدعة المنهي عنها هي ما خالف كتاب الله وسنة رسوله، أما ما كان وسيلةً لإظهار المحبة والتذكير بالسيرة العطرة فذلك داخل في قوله تعالى:{قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 58].
وأيُّ فضلٍ أعظم من بعثة المصطفى ﷺ، وأيُّ رحمةٍ أجلّ من وجوده بيننا هاديًا ومبشرًا ونذيرًا؟!
وقد صح في “صحيح مسلم” أن النبي ﷺ لما سُئل عن صيام يوم الاثنين قال: “ذلك يوم وُلدتُ فيه”، فجعله ﷺ سببًا للعبادة والشكر. فإذا كان هو قد اعتبر يوم مولده خصوصيةً للفرح بالصيام، أفلا يكون اجتماع المسلمين على تلاوة القرآن، وإطعام الطعام، والذكر والصلاة عليه ﷺ، من باب أولى وأحرى؟!
ثم إن كبار العلماء كالحافظ ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، والنووي، وغيرهم، أجازوا وأكدوا أن في الاحتفال بالمولد إظهارًا للمحبة، وتعظيمًا للشعيرة، ونشرًا للسيرة.
و مما لا يرتقي إلى مدارجه قيد انملة من الشك ان الاحتفال بالمولد ليس عبادة مستقلة ولا فرضًا محدثًا، إنما هو مظهر من مظاهر المحبة التي أمرنا الله بها، حيث قال:
{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6].
فمن اعتبر إحياء مولده ﷺ بدعة ضلالة، فقد غفل أن البدعة المذمومة هي ما خالف الدين، أما ما يعزز محبته ويقوّي صلتنا بسيرته ، فذلك ، و ايم الله ،من أعظم القربات.
إنني ارى، و الله تعالى اعلا و اعلم، أن النقاش الحقيقي و ليس المغلوط و الإشكال المطروح ليس في الاحتفال بشخصية الرسول الاعظم و النبي الأكرم و لكن اساسا في صيغة الاحتفال، و هنا قد تتسلل البدع و تنتقل عدوى امراضها المعدية الخطيرة..!
صحيح جدا ، و اشاطر راي من يذهب إلى ان حب الرسول ﷺ لا يكون بالاحتفال، كصيغة بدعية، بل يكون بطاعته، واتباع شريعته، ودراسة ما جاء عنه، والتفقه في دينه ، و التشرب بمنظومة قيمه الفاضلة الرفيعة السامية ، و بترجمة ما نطلع عليه في سيرته و شمائله الى سلوك يومي واع حتى يصبح الاحتفال عبادة و ليس عادة.ليس مهما كم آية تحفظ من القرآن ، بل كم آية مما تحفظ تظهر آثارها على سلوكك و في تعاملك مع الآخرين لأن الدين المعاملة.
نعم اقولها بملء الفم ما احوجنا اليوم لكل المبادرات التي من شانها ان تعزز سبل استعادة ملامح و هوية خير امة اخرجت للناس.
صدقوني ما خطه قلمي ليس بهدف الرد على اي جهة كيفما كانت، بل محرد وجهة نظر متواضعة ،لأنني غير مؤهل للخوص في قضايا فقهية تتجاوز مسنواي المعرفي، ، فقط غيرة مني على ديني في واقع عسير و مرير أصبحنا نردد فيه المثل الشعبي السائر:” اللهم العمش و لَّ العمى”!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات