إن ما سبق أن نبهنا إليه بشأن وضعية السوق المتدهورة والكساد التجاري الذي بات يخنق أنفاس تجار سيدي المختار، فلا رواج يذكر ولا انتعاش يُرتجى، وسط صمت مطبق من الجهات المسؤولة. الكارثة لا تقف عند حدود ضعف البنية أو غياب الزبائن، بل تتفاقم أكثر بسبب الميولات الغامضة للمسؤول الجديد بقسم الاقتصاد، والتي يرى فيها عدد من المهنيين مسارًا يزيد من تعميق الأزمة بدل حلها.
فرغم التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت تؤكد في كل مناسبة على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية، والإنصات لمشاكل المواطنين، والنهوض بالتجارة المحلية باعتبارها رافعة للتنمية، إلا أن واقع الأمر هنا يعكس شيئاً مغايراً تماماً.
فالإدارة وُجدت لخدمة المواطن، لا لترهيبه لقد أصبحت العلاقة بين التاجر والإدارة، في بعض الحالات، قائمة على الشك وسوء الظن، بعدما تحولت بعض المراقبات إلى ساحة للترهيب بدل أن تكون مناسبة للتأطير والتوجيه. فلا يُعقل أن يُتلف منتوج كالعسل أو الزيت أو اللحوم المخزنة دون الاستعانة بمختبر معتمد، ويتم الحكم عليه فقط عبر النظرة المجردة! وأي مسؤول ذاك الذي يجهل أن سلامة المنتوج لا تُقاس بالعين، بل بالمخبر؟ أي تنمية نرجوها إذن؟ فحين يُقصى المهني، ويُدار السوق بعقليات تسلطية، ويُهمَّش التاجر البسيط، وتُخرق التوجيهات الملكية التي دعت مراراً إلى اعتماد نموذج تنموي مندمج، فماذا ننتظر غير المزيد من التراجع؟ وهل ننسى أن جلالة الملك نادى مرارًا بإعادة الثقة في المؤسسات، وتحقيق عدالة اقتصادية تشمل الجميع نريد أن نقولها بصوت عالٍ:
الإدارة ليست خصماً للتاجر، بل شريكاً في التنمية. ومن يعتبر موقع المسؤولية فرصة لفرض الهيمنة، فهو يسيء إلى المفهوم الجديد للسلطة الذي دعا إليه جلالة الملك منذ أكثر من عقدين.
لقدأصبح التاجر البسيط يعيش حالة ترقب دائم، لا يعرف متى يُطرق بابه، ولا لأي سبب. يُلاحَظ في عيونهم الخوف، وفي حديثهم التردد، وكأنهم تحت وصاية غير معلنة. هذا السلوك لا علاقة له بدولة المؤسسات، ولا ينسجم مع دعوة صاحب الجلالة إلى ترسيخ مفهوم السلطة في خدمة المواطن، لا العكس.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن السوق لن يكون فقط فضاءً للركود، بل سيتحول إلى مقبرة لأحلام الكادحين الذين يعيشون على هامش الحياة، بعد أن عانوا من التهميش، والآن يُهددون بالإقصاء والابتزاز في مصدر قوتهم الوحيد.
رسالة مفتوحة للمسؤولين:
كفى من منطق الإقصاء والمزاجية، ولنضع يداً في يد من أجل سوق منظم، وتجارة مزدهرة، وإدارة في خدمة المواطن.