اللجوء إلى المال لاستمالة الأصوات داخل الاتحاد الإفريقي يكشف بوضوح أزمة الشرعية التي تعاني منها الدبلوماسية الجزائرية، وعجزها عن مواجهة النجاحات المتتالية للمغرب بأساليب سياسية ومؤسساتية نزيهة. حين تضطر الجزائر إلى مسح ديون بمليار دولار، وتوزيع الهبات، وملء الحقائب في كواليس الفنادق، فهي في الواقع لا تمارس دبلوماسية حقيقية، بل تحاول شراء الوقت وتأجيل حتمية تراجع نفوذها.
الخوف الجزائري من حضور المغرب القوي داخل الاتحاد الإفريقي ليس مجرد هاجس، بل أصبح حالة قلق مزمنة تدفعها إلى توظيف جميع إمكانياتها لمنع أي تحول استراتيجي يهدد نفوذها التقليدي.
لم يعد الرهان بالنسبة للجزائر مجرد الدفاع عن مواقفها، بل أصبح معركة وجودية لإبقاء كيان انفصالي هش داخل المنظومة الإفريقية، حتى لو كان الثمن تقويض مصداقية المؤسسات القارية وتحويلها إلى سوق للمزايدات المالية.
ورغم أن المال قد يضمن انتصارات ظرفية، إلا أنه لا يصنع تأثيرًا دائمًا.
المغرب، رغم هذه الكبوة، لا يزال يمتلك رصيدًا دبلوماسيًا متينًا قائمًا على المصداقية، والتحالفات الاستراتيجية، والمشاريع التنموية التي تؤسس لعلاقات قائمة على المصالح المشتركة، وليس على العطايا المؤقتة. لذلك، فإن المعركة الحقيقية لا تُحسم في قاعات التصويت، بل في مسار طويل من البناء والتأثير، حيث يظل المنطق المؤسساتي هو المنتصر في النهاية، وليس تكتيكات اللحظة العابرة.