Ultimate magazine theme for WordPress.

أخطاء جزائرية مع الجيران !

52
بقلم نور الدين البيار
تتجه الجزائر رأسا إلى عزلة إقليمية بعد خلافات مجانية تدشنها دبلوماسية جزائرية مرتبكة من حين لآخر وعلى أكثر من جبهة.
فليس خلاف الجزائر مع المغرب وقطعها العلاقات بجديد بل هو متجدد وأحادي من الجارة الشرقية، فالرباط عبرت غير مرة، ومن أعلى سلطة في البلاد عن رغبتها في فتح صفحة جديدة ومعها فتح الحدود بين البلدين، لكن كان حسن النوايا هذا يقابل برفض من الجزائر، فكلما عبر المغرب عن نيته فتح العلاقات والحدود يقابله رفض جزائري غير مبرر وتعنت مريب.
ولعل آخر أخطاء الدبوماسية الجزائرية هي  محاولة تأسيس إطار مغاربي بثلاث أضلاع يستثني المغرب وموريتانيا وهو المبادرة التي رفضت نواكشوط الانخراط فيها مطلع شهر مارس الماضي بعدما فطنت إلى خطة الجزائر الساعية لتوريط موريتانيا في الأمر، مرورا بما يعرف ’’قضية العقار الدبلوماسي في الرباط’’ الذي أنهاه المغرب بتوضيحات للخارجية واعترفت الجزائر بصوابية المغرب،  على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف الذي أقر بتسرع النظام الجزائري في استعداء المغرب وأن الامر كان سوء فهم وتقدير ليس إلا.
يضاف إليه سوء الفهم مع إسبانيا التي تبعد عن الجزائر بحرا بحوالي 200 كيلومتر، قبل سنتين عندما قررت مدريد تغيير موقفها لصالح المبادرة المغربية حول الحكم الذاتي في رسالة تاريخية من رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز  إلى الملك محمد السادس، تدعم مدريد من خلالها مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.
وهو الموقف الذي قابلته الصحافة الجزائرية بالهجوم ووصفته بعض المنابر هناك بـ’’الانحراف والخيانة’’، وهي أوصاف جاهزة لكل دولة تعبر عن موقف داعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
الشيء نفسه تكرر قبل أيام مع فرنسا، التي عبرت عن الاستثمار في الصحراء المغربية عند استئناف العلاقات بين البلدين، بعد جفاء دام سنوات.
ثم الخلاف مع مالي الجارة الجنوبية الذي انفجر في يناير2024، بسبب تدخل الجزائر في شؤون مالي الداخلية ودعم المتمردين وهو ما عبر عنه المجلس العسكري في مالي الذي اتهم الجزائر صراحة بالقيام بـ”أعمال عدائية وبالتدخل في شؤون البلاد الداخلية”.
المجلس العسكري في مالي، أنهى الخميس25 يناير 2024، اتفاقا للسلام بأثر فوري مع المتمردين الانفصاليين “الطوارق” يعود لعام 2015.
وبررت مالي قرارها بسبب عدم التزام الموقّعين الآخرين بتعهداتهم و”الأعمال العدائية” التي تقوم بها الجزائر، الوسيط الرئيسي في الاتفاق.
ونتيجة لذلك، قال المجلس إن ما يسمى باتفاق الجزائر لم يعد قابلا للتطبيق.
ثم يأتي الدور على النيجر التي يبدو أنها لن تكون الأخيرة، التي استدعت السفير الجزائري لديها للاحتجاج قبل عيد الفطر.
وأبلغت السلطات فى انيمي حكومة الجزائر، يوم 3 ابريل، أنها لن تقبل بما يتم من انتهاكات سافرة ضد المهاجرين الأفارقة داخل الجزائر.
وابلغت انيمي، السفير الجزائري، تنديدها الشديد ب”الطبيعة العنيفة” لعمليات الإعادة القسرية لآلاف المهاجرين من غرب إفريقيا إلى النيجر .
وردت الجزائر على الخطوة النيجرية يوم السبت 7 أبريل، حيث أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، أنها استدعت سفير النيجر بخصوص “ترحيل مواطني النيجر المقيمين بشكل غير قانوني بالجزائر”.وأصبحت الجزائر في السنوات الأخيرة وجهة مفضلة للمهاجرين غير النظاميين من غرب إفريقيا ووسطها.
ومنذ عام 2014، رُحّل عشرات الآلاف منهم من الجزائر، وهي نقطة عبور إلى أوروبا، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.
منظمات غير حكومية من بينها منظمة أطباء بلا حدود نددت بالخطوة الجزائرية حيث وصفت الأمر بـ”المعاملة اللاإنسانية” التي يتعرض لها المهاجرون من غرب إفريقيا الساعين للوصول إلى أوروبا، والذين يُعاد حوالي 2000 منهم شهرياً في المتوسط من الجزائر وليبيا إلى النيجر المجاورة. وكثيراً ما نفت الجزائر هذه الاتهامات.
فما غاية الجزائر من كل هاته التحركات، وهل تدخل في صميم المناوءات التي يقوم بها قصر المرادية لمنافسة مبادرة الأطلسي المغربية أم هي طبيعة النظام الجزائري الذي يتغذى على صراعات سوريالية من حين لآخر للاستهلاك الداخلي.
وبعيدا عن الغرب والجنوب فقد أغلقت الجزائر حدودها مع ليبيا أيضا في 2014، فمن بين 3 معابر هي “غدامس الدبداب”، و “تين الكوم” و”طارات” ‘أعادت فتح المعبر الاول الذي يوجد في مفترق التماس بين ليبيا والجزائر وتونس واستمر إغلاق المعبرين الآخرين.
ويتوقع مراقبون أن الجزائر ينتظر أن توجه رادارتها الإعلامية صوب بلجيكا كما فعلت في دجنبر الماضي، إثر موقف بروكسيل الإيجابي من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
للإشارة فبلجيكا  جددت اليوم دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل قضية الصحراء، ووصفتها بـ”المجهود الجاد والذّي يتمتع بالمصداقية من قبل المغرب وأساس جيد للتوصل إلى حل مقبول من جميع الأطراف”.
هذا الموقف جاء ضمن الإعلان المشترك الذي تم اعتماده خلال الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب بلجيكا والذي ترأسه اليوم الإثنين بالرباط، كل من رئيس الحكومة عزيز أخنوش والوزير الأول البلجيكي ألكساندر دي كروالذي يزور المغرب رفقة وفد رفيع .
وقال دي كرو إن بلاده “تعي أهمية هذا الملف بالنسبة للمغرب”، مسجلا أن بروكسيل عبرت عن رأيها الواضح من القضية، واليوم بالرباط نجدد هذا الموقف، ونؤكد دعم قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مشيدا بجهود المغرب “في التوصل إلى حل سياسي يرضي كلا طرفي النزاع، عادل ومستدام ومقبول”.
ويبقى السؤال مطروحا، هل تعيد الجزائر حساباتها في علاقاتها بالجيران، انطلاقا من الأعراف الدبلوماسية المبنية على حسن الجوار والمصالح المتبادلة، بدءا من الأشقاء وفي أولويتهم المغرب، أم أنها ستواصل سياسة النعامة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.